الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وشهد رجل عند شريح. فقال: إنك لسبط الشهادة. فقال الرجل: إنها لم تجعد عنى. فقال: للَّه بلادك، وقبل شهادته. فالذي سوغ بناء الجار وتجعيد الشهادة هو مراعاة المشاكلة. ولولا بناء الدار لم يصح بناء الجار. وسبوطة الشهادة لامتنع تجعيدها. وللَّه درّ أمر التنزيل وإحاطته بفنون البلاغة وشعبها، لا تكاد تستغرب منها فنا إلا عثرت عليه فيه على أقوم مناهجه وأسدّ مدارجه. وقد استعير الحياء فيما لا يصح فيه: للمتنبي. والعيس: الإبل. والربيع: المطر. والحداء: الغناء للإبل، والاستثناء متصل على تشبيه الرعد بالحداء، وجعله من أفراده، أى: كفانا حاجة العيس لكثرته، حتى كأنه يعرض نفسه على النوق. ويقال: استحي واستحى كما هنا أى إذا خشين من عرض نفسه عليهن، أو امتنعن منه. وروى استجبن بالجيم فالموحدة، أى أطعنه في عرض نفسه عليهن. وجملة يعرض نفسه حالية. واستعار السبت بالكسر- وهو الجلد المدبوغ بالقرظ- لمشافر النوق على طريق التصريح. وكذلك استعار الإناء من الورد للبركة التي كثر زهرها ونورها، وإن لم يكن ذلك الإناء موجودًا وفي بمعنى من. ويجوز أنه جعل الأرض ظرفا للشرب.وقرأ ابن كثير في رواية شبل يستحى بياء واحدة. وفيه لغتان: التعدي بالجارّ والتعدي بنفسه. يقولون: استحييت منه واستحييته، وهما محتملتان هاهنا.وضرب المثل: اعتماده وصنعه، من ضرب اللبن وضرب الخاتم. وفي الحديث اضطرب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم خاتما من ذهب، وما هذه إبهامية وهي التي إذا اقترنت باسم نكرة أبهمته إبهامًا وزادته شياعا وعموما، كقولك: أعطنى كتابا مّا، تريد أى كتاب كان. أو ضلة للتأكيد، كالتي في قوله: {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ} كأنه قيل: لا يستحيى أن يضرب مثلا حقًا أو البتة، هذا إذا نصبت بَعُوضَةً فإن رفعتها فهي موصولة، صلتها وما تبجحه بالعثور على الوجه الذي ظن أن رؤبة بن العجاج راعاه في قراءته، فكلام ركيك توهم أن القراءة موكولة إلى رأى القارئ وتوجيهه لها ونصرته بالعربية وفصاحته في اللغة، وليس الأمر كذلك، بل القراءة على اختلاف وجوهها وبعد حروفها: سنة تتبع، وسماع يقضى بنقله، الفصيح وغيره على حد سواء، لا حيلة للفصيح في تعسر شيء منه عما سمعه عليه، وما يصنع بفصاحته في القرآن الذي بدد كل فصاحة وعزل كل بلاغة. فالصحيح والمعتقد أن كل قارئ معزول إلا عما سمعه فوعاه، وتلقنه من الأفواه، فأداه إلى أن ينتهى ذلك إلى استماع من أنصح من نطق بالضاد: سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، فتأمل هذا الفصل فان فاهمه قليل الجملة لأن التقدير: هو بعوضة، فحذف صدر الجملة كما حذف في: {تَمامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} ووجه آخر حسن جميل، وهو أن تكون التي فيها معنى الاستفهام لما استنكفوا من تمثيل اللَّه لأصنامهم بالمحقرات قال: إنّ اللَّه لا يستحي أن يضرب للأنداد ما شاء من الأشياء المحقرة مثلا، بله البعوضة فما فوقها، كما يقال: فلان لا يبالى بما وهب ما دينار وديناران. والمعنى: أن للَّه أن يتمثل للأنداد وحقارة شأنها بما لا شيء أصغر منه وأقل، كما لو تمثل بالجزء الذي لا يتجزأ وبما لا يدركه لتناهيه في صغره إلا هو وحده بلطفه، أو بالمعدوم، كما تقول العرب: فلان أقل من لا شيء في العدد. ولقد ألم به قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} وهذه القراءة تعزى إلى رؤبة بن العجاج، وهو أمضغ العرب للشيح والقيصوم، والمشهود له بالفصاحة، وكانوا يشبهون به الحسن، وما أظنه ذهب في هذه القراءة إلا إلى هذا الوجه، وهو المطابق لفصاحته. وانتصب بَعُوضَةً بأنها عطف بيان لمثلا. أو مفعول ليضرب، ومَثَلًا حال عن النكرة مقدمة عليه. أو انتصبا مفعولين فجرى ضرب مجرى جعل. واشتقاق البعوض من البعض وهو القطع كالبضع والعضب. يقال: بعضه البعوض. وأنشد: ومنه: بعض الشيء لأنه قطعه منه. والبعوض في أصله صفة على فعول كالقطوع فغلبت.وكذلك الخموش فَما فَوْقَها فيه معنيان: أحدهما: فما تجاوزها وزاد عليها في المعنى الذي ضربت فيه مثلا، وهو القلة والحقارة، نحو قولك- لمن يقول: فلان أسفل الناس وأنذلهم: هو فوق ذاك، تريد هو أبلغ وأعرق فيما وصف به من السفالة والنذالة. والثاني: فما زاد عليها في الحجم، كأنه قصد بذلك ردّ ما استنكروه من ضرب المثل بالذباب والعنكبوت، لأنهما أكبر من البعوضة. كما تقول لصاحبك- وقد ذمّ من عرفته يشح بأدنى شيء فقال فلان بخل بالدرهم والدرهمين-: هو لا يبالى أن يبخل بنصف درهم فما فوقه، تريد بما فوقه ما بخل فيه وهو الدرهم والدرهمان، كأنك قلت: فضلا عن الدرهم والدرهمين. ونحوه في الاحتمالين ما سمعناه في صحيح مسلم عن إبراهيم عن الأسود قال: دخل شباب من قريش على عائشة رضي الله عنها وهي بمنى وهم يضحكون. فقالت: ما يضحككم؟ قالوا: فلان خرّ على طنب فسطاط فكادت عنقه أو عينه أن تذهب. فقالت: لا تضحكوا. إنى سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت بها عنه خطيئة» يحتمل فما عدا الشوكة وتجاوزها في القلة وهي نحو نخبة النملة في قوله عليه الصلاة والسلام: «ما أصاب المؤمن من مكروه فهو كفارة لخطاياه حتى نخبة النملة» وهي عضتها. ويحتمل ما هو أشد من الشوكة وأوجع كالخرور على طنب الفسطاط. فإن قلت: كيف يضرب المثل بما دون البعوضة وهي النهاية في الصغر؟ قلت: ليس كذلك، فإن جناح البعوضة أقل منها وأصغر بدرجات، وقد ضربه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مثلا للدنيا، وفي خلق اللَّه حيوان أصغر منها ومن جناحها، ربما رأيت في تضاعيف الكتب العتيقة دويبة لا يكاد يجليها للبصر الحادّ إلا تحركها، فإذا سكنت فالسكون يواريها، ثم إذا لوحت لها بيدك حادت عنها وتجنبت مضرتها، فسبحان من يدرك صورة تلك وأعضاءها الظاهرة والباطنة وتفاصيل خلقتها ويبصر بصرها ويطلع على ضميرها، ولعل في خلقه ما هو أصغر منها وأصغر سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ وأنشدت لبعضهم: وفَأَمَّا حرف فيه معنى الشرط، ولذلك يجاب بالفاء. وفائدته في الكلام أن يعطيه فضل توكيد. تقول: زيد ذاهب. فإذا قصدت توكيد ذاك وأنه لا محالة ذاهب وأنه بصدد الذهاب وأنه منه عزيمة قلت: أمّا زيد فذاهب. ولذلك قال سيبويه في تفسيره: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب. وهذا التفسير مدل لفائدتين: بيان كونه توكيدًا، وأنه في معنى الشرط. ففي إيراد الجملتين مصدّرتين به- وإن لم يقل: فالذين آمنوا يعلمون، والذين كفروا يقولون- إحماد عظيم لأمر المؤمنين، واعتداد بعلمهم أنه الحق، ونعى على الكافرين إغفالهم حظهم وعنادهم ورميهم بالكلمة الحمقاء. والْحَقُّ الثابت الذي لا يسوغ إنكاره. يقال: حق الأمر، إذا ثبت ووجب. وحقت كلمة ربك، وثوب محقق: محكم النسج: وما ذا فيه وجهان: أن يكون ذا اسمًا موصولا بمعنى الذي، فيكون كلمتين. وأن يكون ذا مركبة مع ما مجعولتين اسمًا واحدًا فيكون كلمة واحدة، فهو على الوجه الأوّل مرفوع المحل على الابتداء وخبره ذا مع صلته. وعلى الثاني منصوب المحل في حكم ما وحده لو قلت: ما أراد اللَّه. والأصوب في جوابه أن يجيء على الأوّل مرفوعا، وعلى الثاني منصوبًا، ليطابق الجواب السؤال. وقد جوّزوا عكس ذلك تقول- في جواب من قال: ما رأيت؟- خير، أى المرئي خير. وفي جواب ما الذي رأيت؟ خيرًا، أى رأيت خيرًا. وقرئ قوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} بالرفع والنصب على التقديرين. والإرادة نقيض الكراهة، وهي مصدر أردت الشيء إذا طلبته نفسك ومال إليه قلبك. وفي حدود المتكلمين: الإرادة معنى يوجب للحىّ حالا لأجلها يقع منه الفعل على وجه دون وجه. وقد اختلفوا في إرادة اللَّه، فبعضهم على أنّ للباري مثل صفة المريد منا التي هي القصد، وهو أمر زائد على كونه عالما غير ساه. وبعضهم على أن معنى إرادته لأفعاله هو أنه فعلها وهو غير ساه ولا مكره.ومعنى إرادته لأفعال غيره أنه أمر بها. والضمير في أَنَّهُ الْحَقُّ للمثل، أو لأن يضرب. وفي قولهم ما ذا أراد اللَّه بهذا مثلا استرذال واستحقار كما قالت عائشة رضي الله عنها في عبد اللَّه بن عمرو بن العاصي يا عجبًا لابن عمرو هذا؟ مَثَلًا نصب على التمييز كقولك لمن أجاب بجواب غث: ما ذا أردت بهذا جوابا.ولمن حمل سلاحا رديا. كيف تنتفع بهذا سلاحا؟ أو على الحال، كقوله: {هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً}. وقوله: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} جاز مجرى التفسير والبيان للجملتين المصدّرتين بأما، وأن فريق العالمين بأنه الحق وفريق الجاهلين المستهزئين به كلاهما موصوف بالكثرة، وأنّ العلم بكونه حقًا من باب الهدى الذي ازداد به المؤمنون نورًا إلى نورهم، وأنّ الجهل بحسن مورده من باب الضلالة التي زادت الجهلة خبطا في ظلمائهم. فإن قلت: لم وصف المهديون بالكثرة- والقلة صفتهم، {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ} {وَقَلِيلٌ ما هُمْ} الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة، وجدت الناس أخبر تقله؟ قلت: أهل الهدى كثير في أنفسهم، وحين يوصفون بالقلة إنما يوصفون بها بالقياس إلى أهل الضلال. وأيضًا فإنّ القليل من المهديين كثير في الحقيقة وإن قلوا في الصورة، فسموا ذهابًا إلى الحقيقة كثيرًا: وإسناد الإضلال إلى اللَّه تعالى إسناد الفعل إلى السبب: لأنه لما ضرب المثل فضل به قوم واهتدى به قوم، تسبب لضلالهم وهداهم. وعن مالك بن دينار رحمه اللَّه أنه دخل على محبوس قد أخذ بمال عليه وقيد، فقال: يا أبا يحيى، أما ترى ما نحن فيه من القيود؟ فرفع مالك رأسه فرأى سلة. فقال: لمن هذه السلة؟ فقال: لي، فأمر بها تنزل، فإذا دجاج وأخبصة، فقال مالك: هذه وضعت القيود على رجلك. وقرأ زيد بن على: يَضل به كثير. وكذلك: وما يَضل به إلا الفاسقون. والفسق: الخروج عن القصد. قال رؤبة: والفاسق في الشريعة الخارج عن أمر اللَّه بارتكاب الكبيرة، وهو النازل بين المنزلتين أى بين منزلة المؤمن والكافر، وقالوا إنّ أوّل من حدّ له هذا الحدّ: أبو حذيفة واصل بن عطاء رضي الله عنه وعن أشياعه. وكونه بين بين أنّ حكمه حكم المؤمن في أنه يناكح ويوارث ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين. وهو كالكافر في الذمّ واللعن والبراءة منه واعتقاد عداوته، وأن لا تقبل له شهادة. ومذهب مالك بن أنس والزيدية: أنّ الصلاة لا تجزئ خلفه. ويقال للخلفاء المردة من الكفار: الفسقة. وقد جاء الاستعمالان في كتاب اللَّه.{بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ} يريد اللمز والتنابز: {إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ}.النقض: الفسخ وفك التركيب. فإن قلت: من أين ساغ استعمال النقض في إبطال العهد؟قلت: من حيث تسميتهم العهد بالحبل على سبيل الاستعارة، لما فيه من ثبات الوصلة بين المتعاهدين. ومنه قول ابن التيهان في بيعة العقبة: يا رسول اللَّه، إنّ بيننا وبين القوم حبالا ونحن قاطعوها، فنخشى إنّ اللَّه عز وجل أعزّك وأظهرك أن ترجع إلى قومك.وهذا من أسرار البلاغة ولطائفها أن يسكتوا عن ذكر الشيء المستعار، ثم يرمزوا إليه بذكر شيء من روادفه، فينبهوا بتلك الرمزة على مكانه. ونحوه قولك: شجاع يفترس أقرانه، وعالم يغترف منه الناس، وإذا تزوّجت امرأة فاستوثرها. لم تقل هذا إلا وقد نبهت على الشجاع والعالم بأنهما أسد وبحر، وعلى المرأة بأنها فراش والعهد: الموثق. وعهد إليه في كذا: إذا وصاه به ووثقه عليه. واستعهد منه: إذا اشترط عليه واستوثق منه: والمراد بهؤلاء الناقضين لعهد اللَّه: أحبار اليهود المتعنتون، أو منافقوهم، أو الكفار جميعًا. فإن قلت: فما المراد بعهد اللَّه؟ قلت: ما ركز في عقولهم من الحجة على التوحيد كأنه أمر وصاهم به ووثقه عليهم، وهو معنى قوله تعالى: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى} أو أخذ الميثاق عليهم بأنهم إذا بعث إليهم رسول- يصدقه اللَّه بمعجزاته- صدّقوه واتبعوه، ولم يكتموا ذكره فيما تقدّمه من الكتب المنزلة عليهم، كقوله: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}. وقوله في الإنجيل لعيسى صلوات اللَّه عليه: «سأنزّل عليك كتابًا فيه نبأ بنى إسرائيل، وما أريته إياهم من الآيات، وما أنعمت عليهم وما نقضوا من ميثاقهم الذي واثقوا به، وما ضيعوا من عهده إليهم» وحسن صنعه للذين قاموا بميثاق اللَّه تعالى وأوفوا بعهده، ونصره إياهم، وكيف أنزل بأسه ونقمته بالذين غدروا ونقضوا ميثاقهم ولم يوفوا بعهده، لأنّ اليهود فعلوا باسم عيسى ما فعلوا باسم محمد صلى اللَّه عليهما وسلم من التحريف والجحود وكفروا به كما كفروابمحمد صلى اللَّه عليه وسلم.وقيل: هو أخذ اللَّه العهد عليهم أن لا يسفكوا دماءهم، ولا يبغى بعضهم على بعض، ولا يقطعوا أرحامهم. وقيل: عهد اللَّه إلى خلقه ثلاثة عهود:العهد الأوّل الذي أخذه على جميع ذرّية آدم، الإقرار بربوبيته وهو قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ} وعهد خص به النبيين أن يبلغوا الرسالة ويقيموا الدين ولا يتفرّقوا فيه، وهو قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ} وعهد خصّ به العلماء وهو قوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ}. والضمير في ميثاقه للعهد وهو ما وثقوا به عهد اللَّه من قبوله وإلزامه أنفسهم. ويجوز أن يكون بمعنى توثيقه، كما أنّ الميعاد والميلاد، بمعنى الوعد والولادة. ويجوز أن يرجع الضمير إلى اللَّه تعالى، أى من بعد توثقته عليهم، أو من بعد ما وثق به عهده من آياته وكتبه وإنذار رسله. ومعنى قطعهم ما أمر اللَّه به أن يوصل: قطعهم الأرحام وموالاة المؤمنين، وقيل قطعهم ما بين الأنبياء من الوصلة والاتحاد والاجتماع على الحق، في إيمانهم ببعض وكفرهم ببعض. فإن قلت: ما الأمر؟ قلت: طلب الفعل ممن هو دونك وبعثه عليه. وبه سمى الأمر الذي هو واحد الأمور لأن الداعي الذي يدعو إليه من يتولاه شبه بآمر يأمره به، فقيل له: أمر، تسمية للمفعول به بالمصدر كأنه مأمور به، كما قيل له شأن. والشأن: الطلب والقصد. يقال: شأنت شأنه، أى قصدت قصده هُمُ الْخاسِرُونَ لأنهم استبدلوا النقض بالوفاء، والقطع بالوصل، والفساد بالصلاح وعقابها بثوابها.
|